كنا أربع ، أنا وأخواتي نتشارك مايطرأ على أذهاننا من أحاديث لعلها آتية من المشرق أو من المغرب ، تتعالى ضحكاتنا بين كل لحظة وأخرى ، كانت جلسة سريعة كتلك التي تعقب صلاة المغرب أو التي تأتي على عجل عند الساعة العاشرة ، التفتت لنا أختي الكبرى وعينيها تبدوان كعيني من يراود نفسه أيقول أم لا ، لتقرر أخيرا التحدث وتقول أن صديقتها التي تعمل كمعلمة في إحدى مدارس (النماص) أخبرتها مع باقي الصديقات أن ثمة طالبة في الصف الخامس الإبتدائي تدعى "مريم" ، طالبة مشتعلة الروح حاضرة الذهن والإحساس وهذا مايتجلى في مبادرتها لإسكات زميلات صفها وتوبيخهن "بطريقتها الطفولية" ما إذا تمادين في الإزعاج والفوضى أثناء الحصص الدراسية مذكرة إياهن أن " من تقف أمامهن هي معلمتهن التي تركت أعبائها وإلتزاماتها لتعلمهن " داعية إياهن للتوقف عن صنع تلك الضوضاء وإحترام المعلمة ، كان إحساسها ناضجا ومتألقا نسبة لعمرها وظروف نموها التي تتقاطع بها مع الملايين من فتيات جيلها ، فقلما نجد فتاة تحترق لقيمة هي تقدرها كما فعلت مريم .
إلى الآن لا شيء يبدو غريب ، إلى أن اختارت أختي إكمال القصة لتخبرنا أن الطفلة تعرضت قبل أيام مع عائلتها لحادث شنيع ، تضررت منه مريم بشكل بالغ وقاس ، حاولت أختي اختصار وصف الحادث حفاظا على مشاعرنا لكنني خمنت ماجرى، تم نقلها لمستشفى عسير في أبها ، لكن الله قضى أن يجلب إليه مريم ، قالتها أختي وعيناي تتعلقان بها في نظرات باهتة وصدمة تركل قلبي .
رحلت مريم .. وليس معها سوى سنواتها العشر والقليل من أناشيد المدرسة ومريول الصباح وعطرا ورديا مشبعا بالفانيللا .
لا أدري لما شعرت أنني أعرفها ، أنني تحدثت معها وراقبت تلك الشعلة التي تبرق في عينيها الصغيرتين ، لا أعلم سبب ذاك الرباط الخفي الذي إمتد من قلبي إلى قلبها حيث هي الآن ، ترقد في حب الله و رحمته وكأنها أختي الصغيرة ذات القلب الذهبي ، إنه وصال غريب لامرئي لايحتاج لأجساد تتلامس بقدر مايقتضي أرواح تتماهى مع بعضها فتشعر ببعضها كما حصل معي تجاه هذه الطفلة التي لا أعرف منها سوى اسمها .. مريم .
إلى الآن لا شيء يبدو غريب ، إلى أن اختارت أختي إكمال القصة لتخبرنا أن الطفلة تعرضت قبل أيام مع عائلتها لحادث شنيع ، تضررت منه مريم بشكل بالغ وقاس ، حاولت أختي اختصار وصف الحادث حفاظا على مشاعرنا لكنني خمنت ماجرى، تم نقلها لمستشفى عسير في أبها ، لكن الله قضى أن يجلب إليه مريم ، قالتها أختي وعيناي تتعلقان بها في نظرات باهتة وصدمة تركل قلبي .
رحلت مريم .. وليس معها سوى سنواتها العشر والقليل من أناشيد المدرسة ومريول الصباح وعطرا ورديا مشبعا بالفانيللا .
لا أدري لما شعرت أنني أعرفها ، أنني تحدثت معها وراقبت تلك الشعلة التي تبرق في عينيها الصغيرتين ، لا أعلم سبب ذاك الرباط الخفي الذي إمتد من قلبي إلى قلبها حيث هي الآن ، ترقد في حب الله و رحمته وكأنها أختي الصغيرة ذات القلب الذهبي ، إنه وصال غريب لامرئي لايحتاج لأجساد تتلامس بقدر مايقتضي أرواح تتماهى مع بعضها فتشعر ببعضها كما حصل معي تجاه هذه الطفلة التي لا أعرف منها سوى اسمها .. مريم .
صغيرتي الراحلة ، لقد سافرتي للبعيد حيث لايمكن لأحبتك لقاؤك ثانية ، ولايمكنني أنا أن أخبرك وأنا أمسك بيدك الصغيرة كم أحببتك ، وكم أحترم تلك الشعلة المتقدة في صدرك وأخلاقك الزاهية التي تغمرك ، لكن الله حتما سيخبرك يامريم كم كانت جميلة هي روحك ، وكم أحبوك كل أناسك وأصدقاؤك ،،
كم كانت مغادرتك خاطفة وعجولة كحلم جميل تحت شجرة هادئة ، أو كورقة شاردة فوق نهر مالبثت أن ساقتها أمواجه الناعمة لتختفي في عين الشمس .
تعازي الحارة لوالديها وأهلها ومحبيها ، ودعواتي الصادقة أن يجبر الله الكسر ويشفي الجرح عاجلا غير آجل .
رحمات الله تحفك يامريم
هناك 8 تعليقات:
الله المستعان أثرت فيه ذا الطفلة رغم أني ماعرفتها الا من كتابتك عنها وادمعت عيني النهاية الله يجعلها من عصافير أهل الجنة امين تفكيرها وروحها وصلت لقلبي من كتابتك المبدعه كالعادة عنها الله يجبر مصاب اهلها 😢😢😢
رحمها الله واسكنها فسيح جناته لقد كانت مريم من اروع طالباتي وقد دمعت عيناي لفراقها وحزن قلبي فالله يجبر قلوب والديها واحبتها
ربي يسعدك كالعاده مبدعه ياسارة والله يرحمها ويغفرلها ان شاء الله انها من عصافير الجنه جد اثرت فينا قصتها الله يجبر قلوب اهلهاواحبابها وفعلا انها كانت قدوه يحتذى بها ربي يرحمها
رحمك الله ياصغيرتي مريم وجمعنا بك في جنات النعيم والله ان العين لتدمع والقلب ليحزن وانا لفراقك ياطالبتي الصغيره لمحزونون
مبدعه ياسارهه بارك الله فيك
ورحمك الله صغريتنا مريم وأسأل الله العلي العظيم ان يجبر كير قلوب أهلك وأصدقاءك ومن أحبك
رحم الله امواتنا جميعاً ..
نورة الشهري
جبر الله قلوب اهلها على فراقها
بعد اعجابي باسلوبك الروائي الرائع في سرد قصة مريم
السؤال العريض هنا :
لو لم يتوفى الله مريم !
هل كانت اختك ستذكر موقفها النبيل تجاه معلمتها وهي تطلب من زميلاتها احترامها
اعتدنا ان لانعرف فضائل مافي نفوس احبابنا الا حينما يعلن رحيلهم عنا !!!!!!!
أهلا بك
أستغرب أخذك للموضوع هذا المنحى، الطفلة لاتعرفها أختي شخصيا حتى تعرف هذا الموقف لها ، عموما غرابة مأخذك لايلغي أننا فعلا نعاني من تهميش فضائل بعضنا أحياء ناثرين إياها دفعة واحدة عندما يشمل بعضنا الموت
هذا ياسيدتي ماقصدته
عند موت الاحباب نبدا بسرد محاسنهم
ونهمشهم وهم احياء
وهذا يبدوا لي غير عادل في حقهم علينا
عموما استمتعت جدا بمدوناتك
وان كان لم يسعفني الوقت في قرائتها كلها
لم اقرأ سوى اثنتين منها
ولكن اذا اسعفني الوقت سوف امحصها جيدا
ههههههههههههههههههه
والله يعينك ع الردود
يبدو لي ان برجينا متنافرين ��
إرسال تعليق
أتركوا ما يخبرني أنكم كنتم هنا