الأحد، 13 ديسمبر 2020

همس .. على ناصية الليل

تُحركُني تلك الموسيقى ، تضربُ نغماتها في قلبي كجرسٍ صغير ، يرِّنُ فينتبه طِفلٌ من غفوته ، ومع معزوفات الكمان في استهلالها ، أدرك أنها ( الفصول الأربعة ) .

دراما سورية من جزئين ، لكنها وعلى غير عادة الأجزاء القاتلة للعمل الدرامي ، من أنجح الأجزاء وأكثرها حضورا في الذاكرة .
دراما بسيطة ، بحكاياتٍ بسيطة ..
لكنها قريبة بحيث تبدو وكأنها خرجت من بيوتنا ، جالت في صدورنا ، اختبرناها في مَعرِضِ حياتنا اليومية ..
ورغم المرات التي شاهدتها فيها ، إلا أني لا أنقطع عن حضور حلقاتها مجددا والتمايل على نغم الفصول !

لا أدري حقيقة لِمَ أكتب عن هذا .. لِمَ رغبت أن أكتبه
لكن يبدو أنني أكنز في داخلي مشاعرَ مختمرة تنشدُ الإنفلات من عقالها منذ آخر مرة سمحت لطوفاني المشاعري بالفيضان ، هنا في مدونتي ، وذلك منذ مايقارب الثلاث سنوات مكتفية بنثارِ حروف على تويتر ، نثارٌ سريع لا يرضي ذاك الطوفان !

هناك حبلٌ ما ، أو لِأقُل خيطٌ ما .. بأشَّفِ مايكون ، يَصِلُني بالذوقِ القديم دراميا ، بالـ2003 و رجوعًا ، للتسعينات فالثمانينات ..
هناك من التفوق ما امتلكته تلك الحقب بحيث تبدو مقارنة ما بعدها بها ضَربًا من الغرور المضحك .
ها أنا أستعرض في رأسي كل الأعمال التي أدرجتها في مفضلتي الدرامية ، وأجدني متيمةٌ بهذا السحر الذي يتملكني في حضرة هذه الأعمال ، رغم جوها القديم ، تصويرها القديم ، طريقة الأداء ، أثاث البيوت والملابس والسيارات ، حتى المفردات ، فبعضها لم نعد نسمعه ضمن الحديث سواء باللهجة الخليجية أو المصرية أو السورية !

لربما البساطة هي ما استحوذت عليَّ ..
بساطة تلك السنين ، بساطتنا نحن 
لا أعني بها السذاجة ، لأن هذا الإقتران يقع في نفوس الكثير ..
إنما أعني اللاتعقيد ، هناك قصة جميلة ( وقد تكون ثقيلة بخطوطها الدرامية ) ، سيناريو لطيف ، أداء جميل غالبا ، متلقي يشاهد ويستمتع حتى الحلقة الأخيرة ..
لم يكن هناك إزدحام ، شبق لمعرفة حياة الفنانين بشكل وضيع ، تَكدُّس في الأعمال والوجوه والأحداث ، لهث وراء الموسم الرمضاني كما الآن ..
الفنانون كانوا يجيدون التحدث ، والمذيعون يجيدون لمس حياة الضيف بكل أدب ورقة !

إني لا أزكِّي تلك الفترات ، فلها مآخذها وما يعيبها ، لكنها كانت أنعم في الخطيئة مما يحدث الآن ، لم تكن بالمثالية التي دائما مايتم التحدث عنها بها ، لكني حتما مأخوذة بزمنٍ غير هذا ، ولا أعيبه ..
لكنه حديثٌ بإسراف ، سريعٌ بجنون إلى حَد أنَّ لا سحر له !




حديث على الرف /
يطالعني هذه الأيام مسلسل ( حديث الصباح والمساء ) ..
أشاهده وأفكر .. بماذا شعر نجيب محفوظ وهو يرسم ملامح آخر شخصيات هذه الملحمة الإجتماعية المصرية ..
بماذا شعر وهو يسكت عن حديثه ، حديث الصباح والمساء ؟ّ!