الجمعة، 3 نوفمبر 2017

درس الخمس عشرة ثانية

أكتب الآن وقد مضت ساعتان على حدوث الهزة الأرضية التي ضربت جنوب المملكة في الرابعة وسبع دقائق من فجر يوم الجمعة ، الساعة تشير للسادسة صباحا وخمس دقائق ورغم الساعتين مازلت أستطيع سماع كل هذه القلوب التي مازالت ترجف رهبة وذهول .

كان أمرا مفاجئا ، مباغتا دون أي مقدمات ، هدير غامر ضرب محيط السمع ودوامة كأنما تدورعموديا تشق الأرض صاعدة إليَّ من تحت سريري الذي كنت مستلقية عليه بتكاسل أفتش في جوالي كالعادة.

 هاهو الضجيج المكتوم يتصاعد، والإحساس بالطفو فوق الأمواج يصبح أوضح وأكثر إرباكا ، لم يأخذ الأمر ثانيتين لأعرف أنها هزة ، نعم هزة أرضية ، أنا التي لم تعرف في حياتها كلها مامعنى أن تهتز الأرض تحتك وتصبح وحيدا على مشارف ماكان سابقا من المستحيل ، كنت أراقب السقف بصمت ، سمحت لذاك الإستسلام الهاديء أن يتلبس جسدي وفكرة واحدة كانت تتسيد ذهني ..
( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) .

انتهت الخمس عشرة ثانية زمن صغير الزلزال هذا ، ليشتعل بعدها تويتر بخبر الهزة ، وتتوافد التغريدات على الوسم تحمل كل مشاعر الخوف ، الذهول ، الصدمة والترقب لهزة أخرى قد تحدث .
لاشك ؛ كل شيء غير عادي ، لكنني مازلت أعانق استسلامي وسكينة قذفها الله في قلبي ، أشعر كما لو أنني أمام إيمان جديد ، كانت هزة لمست باصبعها ناقوسي فدق ، لأشعر بعدها بإيمان مختلف .
أتساءل هل كنت في عميق لا وعيي أرغب بفرصة تنفض عني رتابة الشعور وتضعني على المحك وجها لوجه مع كل تصوراتي السابقة عن "ماذا يمكن أن يحدث لو حصل كذا وكذا" أو "كيف سأشعر لو حدث كذا وكذا" ؟!
هل كنت أحب أن أواجه أسئلة تتشاغب في عقلي ، أن أجرب مايقربني إلى الله ويقربه إلي أكثر ؟!
هل كنت أسعى لإختبار شيء غير اعتيادي ، شيء لايتكرر بسهولة ، شيء يبقى في الذاكرة عمرا كاملا ؟! 
أياكان فأنا قد حصلت على واحدة أعتبرها من أهم ماعشت ، لقد أرسلها الله لي لأعرفني أكثر ، لأشعر بشكل أعمق مما كنت أفعل سابقا ، لقد تمكنت من التلذذ بإيماني فهو الذي نفث فوقي سلاما وشعورا غريزيا يقول لي أنني بخير في كل الأحوال ، تمكنت من حياكة ثوب يقين مختلف يحميني من صقيع الأهواء وتوافه الطبيعة البشرية ، وغير هذا وذاك لقد تمكنت من أن أعرف ماهو أثمن من كل شيء ..

لقد عرفت الله أكثر ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتركوا ما يخبرني أنكم كنتم هنا